تلخيص الفصل الأول: في حياته قبل البعثة، من كتاب: "السيرة النبوية دروس وعبر" لمصطفى السباعي
الفصل الأول: في حياته قبل البعثة.
o
الوقائع التاريخية:
1. ولد
الرسول صلى الله عليه وسلم في
أشرف قبيلة وهي قريش، وفي بيت أشرف بيوت قريش بني هاشم، روي عن العباس رضي الله
عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إن الله خلق الخلق
فجعلني من خيرهم من خير فرقهم، وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني من خير
قبيلة، ثم تخير البيوت، فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا، وخيرهم بيتا( رواه
الترمذي بسند صحيح.
2. نشأ الرسول
صلى الله عليه وسلم يتيما، فقد مات أبوه عبد الله وأمه حامل به
لشهرين، وماتت أمه آمنة وله من العمر ست سنوات، وكفله بعد ذلك جده عبد المطلب، ثم
توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنوات، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب
حتى نشأ واشتد ساعده، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله: )أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى(
سورة الضحى.
3. أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السنوات
الأربع الأولى من طفولته في قبيلة بني سعد، فنشأ قوي البنية، سليم الجسم، فصيح
اللسان، جريء الجنان.
4. عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجابة والذكاء،
رجحان العقل، وأصالة الرأي، وفي حادثة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة دليل
واضح على هذا، وكانت له حضوة كبيرة عند جده عبد المطلب ، وكان هو الوحيد من يجلس على
فراشه، فيحاول أعمامه انتزاعه عن الفراش، فيقول لهم: دعوا ابني، فوالله إن له
لشأنا.
5. أنه عليه الصلاة والسلام كان يرعى الغنم في أوائل
شبابه لأهل مكة أغنامهم مقابل أجر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: )
ما
من نبي إلا قد رعى الغنم قالوا:
وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا(، ولما بلغ من عمره خمسا وعشرين، عمل لخديجة بنت خويلد في
التجارة بما لها على أجر تؤديه إليه.
6. لم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة
في لهوهم ولا عبثهم، وقد عصمه الله من ذلك، ولم يشاركهم أيضا في عبادة الأوثان،
ولا أكل شيئا مما ذبح لها، ولم يشرب خمرا، ولا لعب قمارا، ولا عرف عنه فحش في
القول.
7. عرف عليه الصلاة والسلام في شبابه بين قومه
بالصادق الأمين، واشتهر بينهم بحسن المعاملة، والوفاء بالوعد، واستقامة السيرة،
وحسن السمعة، مما رغب خديجة في أن تعرض عليه الزواج، فقبل أن يتزوجها وهو أصغر
منها بخمسة عشر عاما.
8. سافر عليه الصلاة والسلام مرتين خارج مكة،
أولاهما مع عمه أبي طالب حين كان عمره اثنتي عشرة سنة، وثانيتهما حين كان عمره
خمسا وعشرين سنة، متاجرا لخديجة بمالها، وكانت كلتا الرحلتين إلى مدينة بصرى في
الشام.
9. حبب الله إليه عليه الصلاة والسلام قبل البعثة
بسنوات أن يخرج إلى غار حراء يخلو فيه لنفسه مقدار شهر ليفكر في آلاء الله، وعظيم
قدرته، واستمر على ذلك حتى جاءه الوحي، ونزل عليه القرآن الكريم.
o
الدروس والعظات:
يستطيع الباحث أن يخرج من دراسة الوقائع السالفة بالدروس
والنتائج التالية:
1. كلما كان الداعية إلى الله،
أو المصلح في شرف من قومه، كان ذلك أدعى إلى استماع الناس له، فإن من عادتهم أن يحتقروا
بالمصلحين والدعاة إذا كانوا من نسب وضيع، صحيح أن الإسلام لا يقيم وزنا لشرف
الأنساب تجاه الأعمال، ولكن هذا لا يمنع أن يكون الذي يجمع بين شرف النسب وشرف
الفعل، أكرم وأعلى مكانا وأقرب نجاحا، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث
الصحيح: )خياركم في الجاهلية خياركم
في الإسلام إذا فقهوا(.
2. أن في تحمل الداعية آلام
اليتم أو العيش، وهو في صغره ما يجعله أكثر إحساسا بالمعاني الإنسانية النبيلة،
وامتلاءً بالعواطف الرحيمة نحو اليتامى أو الفقراء أو المعذبين.
3. كلما عاش الداعية في جو أقرب
إلى الفطرة، وأبعد عن الحياة المعقدة، كان ذلك أدعى إلى صفاء ذهنه، وقوة عقله
وجسمه ونفسه، وسلامة منطقه وتفكيره.
لا يتأهل لمركز الدعوة وقيادتها إلا الذكي
النبيه، فالأغبياء والمتوسطون في نجابتهم أبعد الناس عن جدارة القيادة الفكرية، أو
الإصلاحية، أو الروحية.
4. ينبغي للداعية أن يأكل من
عمل يده، ويعتمد في معيشته على جهده الشخصي، أو مورد شريف، لا ذلة ولا مهانة.
5. استقامة الداعية في شبابه
وحسن سيرته أدعى إلى نجاحه في دعوته إلى الله، وإصلاح الأخلاق، ومحاربة المنكرات.
6. إن تجارب الداعية بالسفر،
ومعاشرة الجماهير، والتعرف على عوائد الناس وأوضاعهم ومشكلاتهم، لها أثر كبير في
نجاح دعوته، فمن أراد أن يصلح المتدينين عليه أن يعيش معهم في مساجدهم، ومجالسهم،
ومن أراد أن يصلح حال العمال والفلاحين، عليه أن يعيش معهم في قراهم، ومصانعهم،
ومن أراد أن يصلح المعاملات الجارية بين الناس، عليه أن يختلط بهم في أسواقهم،
ومتاجرهم، ومصانعهم، وهكذا.
7.
يجب
على الداعية إلى الله أن تكون له أوقات يخلو فيها بنفسه، تتصل فيها روحه بالله جل
شأنه، وتصفو فيها نفسه من كدورات الأخلاق الذميمة، والحياة المضطربة من حوله، ومثل
هذه الخلوات تدعوه إلى محاسبة النفس.
تعليقات
إرسال تعليق