التعريف بكتاب الموازية.


التعريف بكتاب الموازية.

التعريف بكتاب الموازية.








v      المبحث الأول: تحقيق عنوان الكتاب وإثبات نسبته للمؤلف.
لا يخفى أن هذا كتاب ابن المواز الموسوم بالموازية من أجل أمهات المالكية، و أنه شامل لأبواب الفقه، ولم يختلف الرواة حسب بحثي المتواضع من خلال الإطلاع على كتب التراجم التي ترجمت لمحمد بن المواز في نسبت هذا الكتاب إلى ابن المواز، غير أن أسماء هذا الكتاب متعددة، فمنهم من يسميه الموازية، ومنهم من يسميه بكتاب محمد، ومنهم من سيميه بكتاب ابن المواز، ومما يدل على هذا قول الحطاب في شرح مختصر خليل: "كتاب ابن المواز، أذن لي في روايته، شيخ الإسلام، زكرياء بن الحافظ ابن حجر عن أبي علي الفاضلي عن يونس ابن أبي إسحاق عن أبي الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن عبد الله ألحميدي قال: أخبرنا ابن عبد البر عن عمر بن حسين عن أبيه عـن ابن مطــر عن مؤلفــه+([1])
v      المبحث الثاني: موضوع الكتاب وأهميته.
الموازية (كتاب ابن المواز لمحمد بن ابراهيم الإسكندري المعروف بابن المواز([2])، رابعة الأمهات والدواوين، كتاب مشهور كبير، وهو أجل كتاب ألفه قدماء المالكيين، وأصحه مسائل، وأبسطه كلاما وأوعبه، بلغ من تقدير المالكية لهذا الكتاب أن رجحه "أبو الحسن القابسي على سائر الأمهات+([3]). وتعد سماعات ابن المواز وآراؤه التي ضمنها في كتابه قمة ترجيحات المدرسة المالكية المصرية في هذا الدور، فعلى قول ابن المواز المعول في مصر([4]).
وقد صارت الموازية في القرن الرابع الهجري أحد أشهر كتب الفقه في شمال إفريقيا، حيث ضمت كل المسائل العويصة في الفقه المالكي، فضلا عن الاهتمام بفروع المالكية([5]).
v      المبحث الثالث: ملامح المنهج المتبع في تأليف الكتاب.
يتميز منهج ابن المواز في كتابه بأنه: "قصد إلى بناء فروع أصحاب المذهب على أصولهم في تصنيفه+ ([6])، وهو منهج لم يسبق إليه؛ "لأن غيره إنما قصد لجمع الروايات، ونقل منصوص السماعات، ومنهم من تنقل عنه الاختيارات في شروحات أفردها، وجوابات لمسائل سئل عنها، ومنهم من كان قصده الذب عن المذهب فيما فيه الخلاف+([7]).
وقد شارك ابن المواز في انفراده بمنهج تأليفي خاص عبد الملك بن حبيب -زميله في التلقي عن أصبغ- الذي انفرد بمنهجه في الواضحة([8]).
ورغم أن ابن المواز تلميذ المدرسة المالكية المدنية حيث تفقه بابن الماجشون-، فإن دراسته على المدرسة المالكية المصرية كانت أقوى أثرا في الآراء التي اعتمدها، ويظهر تأثر ابن المواز بالمدرسة المصرية، وتفضيلها على غيرهاحتي القيروانية أنه كان يخالف محمد بن عبد الحكم، فقد كان محمد إذا ذكر له رأي سحنون في مسألة ما "يتلقى ذلك بالقبول ويترحم عليه+([9]).
أما ابن المواز فكان لايتلقى ذلك بالقبول ويقول (...) : "من هنا خرج العلم، ومن عندنا أتاكم+([10])، مشيرا إلى أن سحنون إنما هو ابن المدرسة المصرية قبل كل شيء.
ولشدة تأثر ابن المواز بآراء كبار تلاميذ مالك من المصريين أضحى معتمد المدرسة المصرية المالكية فيما بعد، فالمعول بمصر على قوله كما ذكرنا([11])، وفي هذا الكتاب جزء تكلم فيه على الشافعي وعلى أهل العراق([12]).
v      المبحث الرابع: مصادر المؤلف في كتابه.
ذكر ابن المواز مصادر كثيرة من أمهات الفقه المالكي، التي اعتمد عليها في كتابه، إما نقلا عنها، أو ذكرا لها في أقواله، وسأعرض بعض المصادر الموجودة في أقواله، والتي يغلب عليها الظن أنه ذكرها في كتابه، وهي على النحو الآتي:
1.    العتبية ( المستخرجة ): كتاب لأبي عبد الله محمد بن أحمد العتبي، قد جمع فيه من سماع ابن القاسم، وأشهب، وابن نافع عن الإمام مالك، وما سمعه من أصبغ، وسحنون، وغيرهما عن ابن القاسم، فحازت القبول عند العلماء، وقاموا بشرحها، والكتابة عليها([13]).
2.    المدونة: هي أم كتب المذهب، وأصل علم المالكيين، تجمع بين دفتيها ستة وثلاثين ألف مسألة، ويروى أنه ما بعد كتاب الله أصح من موطـأ مالك T، ولا بعد الموطأ ديوان في الفقه أفيد من المدونة، والمدونة هي عند أهل الفقه من المالكية ككتاب سيبويه عند أهل النحو، وككتاب إقليدس عند أهل الحساب، وموضعها من الفقه موضع أم القرآن من الصلاة تجزئ عن غيرها، ولا يجزئ غيرها منها([14]).
3.    الواضحة: كتاب كبير مفيد، لعبد الملك بن حبيب السلمي، من أهم ما ألف في المذهب المالكي، وكان قد اعتمد أهل الأندلس عليها، وقد حظي الكتاب بمكانة متميزة؛ لجمعه بين دفتيه آراء المدارس المالكية التي تتلمذ عليها، قال عنها العتبي: "ما أعلم أحدا ألف على مذهب أهل المدينة تأليفه، ولا لطالب أنفع من كتبه، ولا أحسن من اختياره+([15]).
4.    المجموعة: هي مجموعة من الكتب، في نحو الخمسين كتابا، وهي من أشهر مؤلفات ابن عبدوس، وأكثرها تداولا في الوقت قد مضى، أما اليوم فلم يعد لها أثر إلا في الكتب التي نقلت عنها، كالبيان والتحصيل، والمنتقى، والجامع لابن يونس، والتوضيح للشيخ خليل، وغيرها([16]).
v      المبحث الخامس:الكتب التي اعتمدت أقوال ابن الموازو كتابه كمصدر لها.
لقد تعددت الكتب والمؤلفات التي اعتمدت على كتاب الموازية داخل المذهب المالكي وخارجه، وجعلته مرجعا لها إما نقلا عنها، أو ذكرا له في معرض الحديث، وأذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر:
1.            المدونة: هي أم كتب المذهب، وأصل علم المالكيين، تجمع بين دفتيها ستة وثلاثين ألف مسألة، ويروى أنه ما بعد كتاب الله أصح من موطـأ مالك T، ولا بعد الموطأ ديوان في الفقه أفيد من المدونة، والمدونة هي عند أهل الفقه من المالكية ككتاب سيبويه عند أهل النحو، وككتاب إقليدس عند أهل الحساب، وموضعها من الفقه موضع أم القرآن من الصلاة تجزئ عن غيرها، ولا يجزئ غيرها منها([17]).
2. البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، لأبي الوليد محمد بن أحمد ابن رشد الجد: كتاب عظيم النفع والفائدة، جمع فيه أقوال العلماء واختلافاتهم، قال عنه مؤلفه في أخر خطبته فيه : " إذا جمع الطالب المقدمات إلي هذا الكتاب – يعني البيان والتحصيل – حصل على معرفة ما لا يسع جهله من أصول الديانات، وأصول الفقه، وعرف العلم من طريقه(...)+ ([18]).
3. المقدمات الممهدات؛ لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات، والتحصيلات المحكمات؛ لأمهات مسائلها المشكلات، لابن رشد الجد أيضا. مطبوع مع المدونة الكبرى في أربعة مجلدات، عن دار الفكر. وله طبعة أخرى عن دار الغرب الاسلامي في ثلاث مجلدات، بحقيق الدكتور محمد حجي([19]).

4. النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات: كتاب قيم جمع فيه ابن أبي زيد جميع ما في الأمهات من المسائل، والخلاف، والأقوال، فهو عند الفقهاء المالكية كمسند أحمد عند المحدثين([20]).

5. الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، نقل الذهبي عن أبي علي الغساني؛ أنه قال: "ثم صنع كتاب الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار، شرح فيه الموطأ على وجهه، ونسق أبوابه([21]).
6. الكافي في فقه أهل المدينة، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)، ويكفي لبيان مكانة كتاب الكافي في كتب المذهب ما قرّره إمام الظاهرية بالأندلس؛ أبو محمد ابن حزم (ت456هـ)، وهو تلميذ ابن عبد البر ومعاصره، حين قال T: "ولصاحبنا أبي عمر بن عبد البر المذكور، كتب لا مثيل لها، منها كتابه المسمى ب: الكافي في الفقه على مذهب مالك وأصحابه...+([22]).
7. الإشراف على نكت مسائل الخلاف، للقاضي أبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي، (المتوفى:422هـ)، حظي هذا الكتاب بعناية تامة من قبل العلماء في الماضي والحاضر فكتبوا حوله عدة كتابات، منها: القواعد الفقهية من خلال كتاب "الإشراف على مسائل الخلاف+ للقاضي عبد الوهاب البغدادي، للدكتور محمد الروكي، وغيرها.
8.  التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي، نقل الذهبي عن أبي علي الغساني أنه قال: "ألف أبو عمر في الموطأ كتبًا مفيدة منها: كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، فرتبه على أسماء شيوخ مالك، على حروف المعجم، وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله+([23]).
9. الذخيرة في الفقه المالكي، لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي، جمع شهاب الدين القرافي كتابه الذخيرةمن نحو أربعين مصنفا من تصانيف المذهب، اعتمد خمسة منها مصادر أساسية، حيث يقول : " وقد آثرت أن أجمع بين الكتب الخمسة التي عكف عليها المالكيون شرقا وغربا ، وهي المدونة والجواهر والتلقين والجلاب والرسالة... +([24]).
10.   منح الجليل شرح مختصر خليل، لمحمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)،  حظي  مختصر الشيخ خليل للإمام، العلامة، الشيخ، ضياء الدين أبي المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي (ت 776هـ) باهتمام  كبار العلماء، لكونه أوعب مختصرات السادة المالكية، وأكثرها استيفاء لمسائل الفقه المالكي، وقد اجتمع العلماء قديماً وحديثاً على دراسته، وتدريسه، وشرحه، وحل ألفاظه الجامعة، منها هذا الكتاب.
11.   مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي (المتوفى: 954هـ)، في هذا الكتاب شرح الشيخ الحطاب مختصر الشيخ خليل، وتكلم على جميع مسائله، مع ذكر ما تحتاج إليه كل مسألة من تقييدات وفروع مناسبة، وتتمات مفيدة من ضبط، وغيره، وذكر غالب الأقوال، وعزوها وتوجيهها، والتنبيه على ما في كلام الشروح التي وقف عليها المؤلف.
وهذه المصادر والمراجع التي سبق الإشارة  إليها هي من جملة ما اعتمدت أقوال ابن المواز كمصدر ومرجع لها، وأقوال محمد ومروياته مبثوثة في ثناياها، ولقد كانت هي الملاذ لنا في استخراج هذه المادة، فوجدنا أصحابها يتفننون في ذكر بعض الألفاظ، فنجدهم تارة يقولون: في كتاب ابن المواز، وتارة: في كتاب محمد، ومرة أخرى: قال في الموازية، وقال ابن المواز، وقال محمد.
وهذه الصيغ هي المعيار الذي استندنا إليه في نسبة هذه الأقوال إلى ابن المواز، ومن هنا جاء عنوان البحث: "الموازية من خلال كتب المالكية+ ونعني - بالموازية هنا - تلك الأقوال التي استطعنا الوصول إليها، على أمل أن نكون قد وفقنا في مقاربة إخراج بعض ما ذكر في الموازية.
ونرجوا في يوم من الأيام أن تخرج الموازية إلى حيز الوجود، كباقي أمهات المالكية الأخرى.


([1])   شرح الحطاب لمختصر خليل: 1/7.
([2])   المدخل الوجيز في اصطلاحات مذهب السادة المالكية : 8.
([3])   ترتيب المدارك : 4/169.
([4])   طبقات الفقهاء : 157، ترتيب المدارك: 4/167، عنوان الدراية: 112.
([5])   دراسات في مصادر الفقه المالكي : 152.
([6])   ترتيب المدارك : 4/169.
([7])   ترتيب المدارك : 4/169.
([8])   ترتيب المدارك: 4/169.
([9])   ترتيب المدارك : 4/168.
([10])   ترتيب المدارك : 4/168.
([11])   اصطلاح المذهب عند المالكية : 136-138.
([12])   المدخل الوجيز في اصطلاحات مذهب السادة المالكية : 8.
([13])   مقدمة ابن خلدون : 245.
([14])   المقدمات الممهدات :1/45- 44.
([15])   ترتيب المدارك :4/126، ونفح الطيب: 4/164- 161.
([16])   ترتيب المدارك :4/225.
([17])   المقدمات الممهدات :1/45- 44.
([18])   البيان والتحصيل :1/32.
([19])   أحكام الزكاة : 66.
([20])   دليل السالك: 83.
([21])   سير أعلام النبلاء:18/158.
([22])   فضل الأندلس وذكر رجالها: 179.
([23])   سير أعلام النبلاء:18/158 - 157.
([24])   الذخيرة:1/36.

تعليقات