فضل يوم عاشوراء


فضل يوم عاشوراء


فضل يوم عاشوراء


ما هو يوم عاشوراء.

اختلف العلماء في يوم عاشوراء هل هو التاسع من المحرم أو العاشر، وبيان ذلك في الآتي:
ذهب الشافعي إلى أنه التاسع من محرم، لحديث الحكم بن الأعرج قال: انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء فقال: (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائما. قلت: هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال نعم)، وقال ابن عباس: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر.
ذهب المالكية إلى أن عاشوراء هو اليوم العاشر، لأن عاشوراء يتعلق اللفظ بكونه يوم العاشر، وهو مأخوذ من العشر، أي عاشر أيام المحرم، وقالوا حديث (لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع)، ليس فيه دليل على ترك صوم العاشر بل وعد أن يصوم التاسع مضافا إلى العاشر.
روي عن ابن عباس أنه قال: صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود، ولا شك أن صيام اليومين جمعا بين الأحاديث، وهو أقرب للصواب وأشمل للفضل.

صيام يوم عاشوراء.

صيام عاشوراء كان فرضا قبل رمضان، بدليل حديث عائشة: (كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان قال: من شاء صام، ومن شاء أفطر)، وقال صلى الله عليه وسلم: (هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر)، وقوله: "فمن شاء أفطره ومن شاء صامه) يريد أنه لاحق بسائر الأيام التي لم يمنع صومها ولا يجب، ولكنه مستحب، بدليل حديث معاوية: (وأنا صائم، فمن شاء صام ومن شاء فليفطر) وقال أشهب: صيام يوم عاشوراء مستحب، لما يرجى من ثواب ذلك، وليس بواجب.
وكان صلى الله عليه وسلم يرسل إلى قرى الأنصار في يوم عاشوراء أن من أصبح صائما فليتم صيامه، ومن أكل فليتم أكله، وقال: (إني لأحتسب على الله أن يكفر ذنوب سنة قبله).
وقال رجل لابن عباس: كيف أصوم عاشوراء؟ قال: (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم أصبح في التاسع صائما، فقلت: أهكذا كان يصومه رسول الله  صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم).
وعن ابن عباس أن النبي  صلى الله عليه وسلم ، قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع).
وفي هذا الأحاديث  دليل على فضل صوم عاشوراء لأنه لم يخصه النبي صلى الله عليه وسلم بقول ولا صامه إلا لفضل فيه، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة.

حكم صوم يوم عاشوراء في أول الإسلام.

اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام حين شرع صومه قبل صوم رمضان:
قال أبو حنيفة: كان واجبا.
واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين:
            أنه لم يزل سنة من حين شرع ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة، ولكنه كان متأكد    الاستحباب فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك الاستحباب.
           كان واجبا كقول أبي حنيفة.

فضل يوم عاشوراء.

الأحاديث في فضل صيام يوم عاشوراء كثيرة، وهو يوم كانت تصومه قريش في الجاهلية، وكانوا يلبسون فيه حليهم وشارتهم، قال القرطبي: لعلهم كانوا يستندون في صومه إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، فإنهم كانوا ينتسبون إليهما ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه، وروي أن في يوم عاشوراء تاب الله على آدم، وفيه استوت السفينة على الجودي، وفيه أنجى الله موسى من فرعون، وفيه ولد عيسى.
 وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لما علم صيام اليهود لعاشوراء: )نحن أحق بموسى منكم(، وقصد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن اتباع اليهود والاقتداء بهم، ولكنه أوحى إليه في ذلك بفعل مقتضاه، ولكن فيه الاقتداء بموسى -عليه السلام- وموسى ممن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن يقتدي به، لقوله: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} سورة الأنعام.

ماذا يفعل المسلم يوم عاشوراء.

يوم عاشوراء يوم يصوم فيه المسلم، ويوسع فيه على الأهل والأقارب واليتامى والمساكين، وزيادة النفقة، والصدقة مندوب إليها بحيث لا يجهل ذلك شريطة عدم التكلف، وألا يصير ذلك سنة يستن بها لا بد من فعلها، فإن وصل إلى هذا الحد فيكره أن يفعله، سيما إذا كان هذا الفاعل له من أهل العلم وممن يقتدى به؛ لأن تبيين السنن وإشاعتها وشهرتها أفضل من النفقة في ذلك اليوم، ولم يكن لمن مضى فيه طعام معلوم لا بد من فعله، وقد كان بعض العلماء رحمة الله عليهم يتركون النفقة فيه قصدا لينبهوا على أن النفقة فيه ليست بواجبة.

ما ينبغي تجنبه في يوم عاشوراء.

يوم عاشوراء يوم حري للمسلم أن يستغله في الطاعات والتقرب من الله تعالى، وتجنب كل المخالفات والمحدثات التي ابتدعها الناس في هذا اليوم، كتخصيصه بذبح البهائم والطيور، وتحضير الموائد وغيرها، ولم يكن السلف - رضوان الله عليهم - يتعرضون في هذه المواسم ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة والصدقة، والخير واغتنام فضيلتها بزيادة الصدقة وفعل المعروف.
وكما يجب التنبيه هنا إلى مسألة ضرورية، وهي: تخصيص يوم عاشوراء للزكاة الواجبة وتحري إخراجها في هذا اليوم، بالرغم من حلول وقت الزكاة، فيعمدون إلى تأخير إعطاء ما وجب عليهم إلى يوم عاشوراء، ولا شك أن في هذا  التغرير بمال الزكاة، وتفويت المصلحة على آخذها، وزيادة على الحول ، فقد يموت قبل يوم عاشوراء، أو يفلس فيبقى ذلك في ذمته، ويحاسب عليه.
ومما يحرم فعله في هذا اليوم وفي غيره ممارسة السحر والشعوذة، فمن المعلوم أن السحرة والمشعوذين ينتظرون هذا اليوم بشغف للممارسة الدجل وطقوس الشعوذة والعياذ بالله، ولا يخفى على المسلم خطورة ممارسة السحر في الإسلام وأنه حرام قطعا، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: )من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا(،  وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد(.


المصادر والمراجع:

تفسير القرطبي.
المسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك، ابن العربي.
القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، ابن العربي.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر.
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، النووي.
المقدمات الممهدات، ابن رشد
الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، السيوطي.
القوانين الفقهية، ابن جزي.
التحرير والتنوير، ابن عاشور.

تعليقات