تلخيص الفصل الثالث: في السيرة بعد هجرة الحبشة إلى الهجرة للمدينة، من كتاب: "السيرة النبوية دروس وعبر" لمصطفى السباعي

 

 تلخيص الفصل الثالث: في السيرة بعد هجرة الحبشة إلى الهجرة للمدينة، من  كتاب: "السيرة النبوية دروس وعبر" لمصطفى السباعي



الفصل الثالث: في السيرة بعد هجرة الحبشة إلى الهجرة للمدينة



الفصل الثالث: في السيرة بعد هجرة الحبشة إلى الهجرة للمدينة.


o      الوقائع التاريخية.

1.  مات أبو طالب عم الرسول في السنة العاشرة من البعثة، وكان في حياته شديد الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قريش لا تستطيع أن تنال النبي بأذى  طيلة حياة أبي طالب احتراما له وهيبة، فلما مات أبو طالب تجرأ قريش على تشديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك كانت وفاته مبعث حزن عميق للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد حرص النبي أن يقول أبو طالب كلمة الإسلام وهو على فراش الموت، فأبى خشية أن يلحقه العار من قومه.

2.  ماتت خديجة رضي الله عنها في تلك السنة نفسها، وقد كانت خديجة تخفف عن الرسول همومه وأحزانه لما يلقاه من عداء قريش،
فلما ماتت حزن عليها حزنا شديدا، وسمي ذلك العام الذي مات فيه عمه أبو طالب وزوجه خديجة بعام الحزن.

3.  لما اشتد على الرسول صلى الله عليه وسلم كيد قريش وأذاها بعد وفاة عمه وزوجه، توجه إلى الطائف لعله يجد فيهم من ينصره، ولكنهم أغروا به صبيانهم فقذفوه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الطاهرتين، ثم التجأ إلى بستان من بساتين الطائف، وتوجه إلى الله بهذا الدعاء الخاشع: )اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو تحل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك(.

4.  عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف دون أن تستجيب لدعوته، اللهم إلا ما كان من إسلام عدَّاس غلام عتبة وشيبة ابني ربيعة، طلب منه سيداه أن يقدم قطفا من العنب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عدَّاس العنب للرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الرسول يبدأ في أكله قائلا: بسم الله، فلفت ذلك نظر عداس، إذ لا يوجد في القوم من يقول مثل هذا، وبعد حديث بين عداس والنبي صلى الله عليه وسلم أسلم عدَّاس.

5.  وقعت معجزة الإسراء والمعراج وقد اختلف في تاريخ وقوعها، والمؤكد أنها وقعت قبل الهجرة في السنة العاشرة من بعثته أو بعدها، والصحيح الذي عليه جماهير العلماء أنهما وقعا في ليلة واحدة يقظة بالجسد والروح، أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلى، ثم عاد إلى بيته في مكة تلك الليلة، وأخبر قريشا بأمر المعجزة، فهزئت وسخرت، وصدقه أبو بكر وأقوياء الإيمان.

6.    في هذه الليلة فرضت الصلوات خمسا على كل مسلم بالغ عاقل.

7.  في أثناء مرور الرسول صلى الله عليه وسلم على القبائل في موسم الحج لدعوتهم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان، وبينما هو عند العقبة التي ترمى عندها الجمار، لقي رهطا من الأوس والخزرج، فدعاهم إلى الإسلام، فأسلموا، وكان عددهم سبعة، ثم عادوا إلى المدينة، فذكروا لقومهم لقياهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم آمنوا به.

8.  في العام التالي لاثنتي عشرة سنة من البعثة وافى موسم الحج اثنا عشر رجلا من الأنصار، فاجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه، فلما عادوا أرسل معهم مصعب بن عمير إلى المدينة ليقرئ المسلمين فيها القرآن، ويعلمهم الإسلام، فانتشر الإسلام في المدينة انتشارا كبيرا.

9.  في العام الذي يليه حضر من الأنصار جماعة في موسم الحج فاجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم مستخفين، وكانوا سبعين رجلا وامرأتين، وبايعوه على النصرة والتأييد، وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وعادوا إلى المدينة بعد أن اختار منهم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم.

 

o      الدروس والعظات.

1.  قد يحمي الداعية أحدُ أقربائه ممن ليسوا على دعوته، وفي ذلك فائدة للدعوة حين تكون مستضعفة، إذ يمنع الأشرار من العدوان على حياته أو مسه بأذى، فعصبية القبيلة والعائلة قد يستفيد منها الداعية في حمايته وحماية دعوته إذا لم يسايرها على ما هي عليه منكرات.

2.  الزوجة الصالحة المؤمنة بدعوة الحق تذلل كثيرا من الصعاب لزوجها إذا شاركته في همومه وآلامه، وبذلك تخفف عنه عبء هذه الهموم، وتبث في نفسه الاستمرار والثبات، فيكون لها أثر في نجاح الدعوة وانتصارها.

3.  الحزن على فقد القريب الحامي لدعوة الحق غير المؤمن بها، وعلى فقد الزوجة المؤمنة المخلصة، حزن تقتضيه طبيعة الإخلاص للدعوة، والوفاء للزوجة المثالية في تضحيتها وتأييدها، ولذلك قال الرسول لما مات أبو طالب: )رحمك الله وغفر لك، لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله(، إلى أن نزل قول الله تبارك وتعالى: )مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (سورة التوبة، فامتنع النبي عن الاستغفار لأبي طالب، كما امتنع المسلمون عن الاستغفار لموتاهم.

4.  في توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف بعد أن أعرضت عنه مكة، دليل على التصميم الجازم في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستمرار في دعوته، وعدم اليأس من استجابة الناس لها، كما أن في إغراء الصبيان والسفهاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، دليل على أن طبيعة الشر واحدة أينما كانت، وهي الاعتماد على السفهاء في إيذاء دعاة الخير.

5.    في معجزة الإسراء والمعراج أسرار كثيرة نشير إلى ثلاثة منها فحسب:

·   ففيها ربط قضية المسجد الأقصى وما حوله- فلسطين- بقضية العالم الإسلامي إذ أصبحت مكة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مركز تجمع العالم الإسلامي ووحدة أهدافه، وأن الدفاع عن فلسطين دفاع عن الإسلام نفسه، يجب أن يقوم به كل مسلم في شتى أنحاء الأرض، والتفريط في الدفاع عنها وتحريرها، تفريط في جنب الإسلام، وجناية يعاقب الله عليها كل مؤمن بالله ورسوله.

·   فيها رمز إلى سمو المسلم، ووجوب أن يرتفع فوق أهواء الدنيا وشهواتها، وأن ينفرد عن غيره من سائر البشر بعلو المكانة، وسمو الهدف، والتحليق في أجواء المثل العليا دائما وأبدا.

·   فيها إشارة إلى إمكان ارتياد الفضاء والخروج عن نطاق جاذبية الأرض، فلقد كان رسولنا في حادثة الإسراء والمعراج أول رائد للفضاء في تاريخ العالم كله، وأن ريادة الفضاء والعودة إلى الأرض بسلام، أمر ممكن إن وقع لرسول الله بالمعجزة في عصره؛ فإنه من الممكن أن يقع للناس عن طريق العلم والفكر.

6.  في فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج إشارة إلى الحكمة التي من أجلها شرعت الصلاة، فالصلاة في كل يوم خمس مرات معراج تعرج فيه أرواح المؤمنين وقلوبهم إلى الله تعالى.

7. في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل في موسم الحج، دليل على أن الداعية لا ينبغي أن يقتصر في دعوة الناس إلى الخير ضمن مجالسه وفي بيئته فحسب، بل يجب أن يذهب إلى كل مكان يجتمع فيه الناس أو يمكن أن يجتمعوا فيه، وأنه لا ينبغي له أن ييأس من إعراضهم عنه مرة بعد أخرى، فقد يهيئ الله له أنصارا يؤمنون بدعوته من غير بيئته وموطنه.

تعليقات