أحكام سجود السهو في المذهب المالكي
تعريف سجود السهو.
السجود لغة: هو الخضوع، والسهو لغة: هو ترك الشيء من غير
علم بحيث لو نبه إليه بأدنى تنبيه لتنبه.
واصطلاحا: هو سجدتان بعدهما تشهد بدون صلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم ولا دعاء، وإن فعلها قبل السلام سمي قبليا، وإن فعله بعد
السلام سمي بعديا، وذلك بحسب سببه.
حكم سجود السهو.
سجود السهو تعتريه الأحكام الآتية:
أولا: سنة بالنسبة للإمام، وللمنفرد، وللمأموم المسبوق
الذي قام يقضي صلاته بعد سلام إمامه وسها فيها سواء كان قبليا أم بعديا، إلا إن
كان سببه نقص ثلاث سنن من سنن الصلاة فيكون حكمه واجبا، ودليله حديث أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شك أحدكم
في صلاته فليلق الشك، وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت
صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما
لصلاته، وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان" ولا يتعدد سجود السهو بتعدد أسبابه
وإنما يكفي لكل الأسباب سجود سهو واحد، وإذا اجتمع في الصلاة أسباب سجود قبلي
وأسباب سجود بعدي فيكفي سجود قبلي واحد.
ثانيا: واجب: يجب سجود السهو في الحالتين الآتيتين:
1. بالنسبة للمأموم إذا سجد إمامه للمتابعة، وإن لم يدرك مع
إمامه أسبابه، فإذا لم يتابعه به بطلت صلاته. أما بالنسبة لسهو نفسه إن حصل حال
الاقتداء تحمله عنه إمامه، لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من
خلفه سهو"، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "الإمام ضامن والمؤذن موتمن، اللهم ارشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".
2. بالنسبة للمسبوق إن أدرك مع إمامه ركعة كاملة فأكثر،
يسجد معه القبلي قبل قضاء ما عليه، ويسجد البعدي بعد انتهاء قضاء ما عليه.
ثالثا: مبطل للصلاة: إن سجد المسبوق مع إمامه الذي أدرك
معه ركعة فأكثر سجود السهو البعدي قبل قضاء ما عليه، وكذلك إن سجد المسبوق، الذي
لم يدرك مع إمامه ركعة كاملة، سجود سهو قبلي أو بعدي مع إمامه يبطل الصلاة.
أركان سجود السهو.
سجدتان بينهما جلسة، سواء كان قبليا أو بعديا.
أقسام سجود السهو.
1. سجود بعدي.
2. سجود قبلي.
واجبات سجود السهو.
1. البعدي:
·
النية: وهي
واجبة وجوبا شرطيا.
·
السلام: وهو
واجب وجوبا غير شرطي، أي إذا لم يسلم فالصلاة صحيحة.
2. القبلي: لا سلام له لأن بعده سلام الصلاة، ولا حاجة لنية
لكونه جزءا من الصلاة فنيتها نيته، ما لم يؤخره إلى بعد السلام فعندها يحتاج إلى
نية وسلام.
سنن سجود السهو سواء كان قبليا أم بعديا.
1. تكبيرة للهوي للسجود.
2. تكبيرة للرفع من السجود.
3. التشهد بعده بدون صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا
دعاء.
4. إن كان بعديا سن الجهر بالسلام منه.
حكم نقل سجود السهو من محله.
1. يحرم نقل سجود السهو البعدي إلى قبل السلام عمدا، وإذا
فعل فالصلاة صحيحة مع الإثم.
2. يكره نقل سجود السهو القبلي إلى بعد السلام عمدا، مع صحت
الصلاة.
3. أما إن كان النقل، سواء كان تقديما أو تأخيرا بغير عمد
فلا حرمة ولا كراهة.
حكم ترك سجود السهو.
1. حكم ترك السجود البعدي: لا يسقط
مهما طال الزمن، ولا تبطل الصلاة بتركه، سواء كان عمدا أم سهوا، وبإمكانه تأديته
متى ذكره ومتى شاء، ولو في وقت نهي، ما لم يكن في صلاة فلا يقطعها لأدائه، وإنما
يتم صلاته ثم يؤديه.
2. حكم ترك السجود القبلي: يسقط إن
طال الفصل بين الصلاة وبين تذكر السجود المتروك، أو خرج من المسجد، سواء كان الترك
عمدا أم سهوا، ولا تبطل الصلاة بتركه إذا كان سببه نقص سنتين خفيفتين أو سنة واحدة
مؤكدة من سنن الصلاة، أما إن قرب الفصل ولم يخرج بعد من المسجد سن له الإتيان بها،
وأما إن كان سببه نقص ثلاث سنن من سنن الصلاة فتبطل الصلاة إن ترك عمدا، سواء طال
الفصل أم قصر، وإن كان الترك سهوا ولم يطل الفصل عرفا ولم يأت بمناف للصلاة بعد
السلام أتى به، أما إن طال الفصل بطلت الصلاة، ومن ترتب عليه سجود قبلي غير مبطل
للصلاة فتركه، أو سجود بعدي فتركه، وأعاد الصلاة، فإن صلاته هذه لا تجزئ عن ذاك
السجود، لأنه ترتب في الذمة، وورد أن ترقيع الصلاة بالسجود أولى من إبطالها
وإعادتها.
أسباب سجود
السهو.
o
أسباب سجود
السهو القبلي:
· نقص سنة مؤكدة داخلة في الصلاة سهوا يقينا أو شكا، أي
يشترط لسجود السهو لتركها ثلاثة شروط:
1. أن تكون مؤكدة، والسنن المؤكدة في الصلاة ثمانية:
الإسرار، والجهر، وقراءة السورة في الفرض، والتشهد الأول، والأخير، وتكبيرات
الانتقال، والتسميع، والجلوس بقدر التشهد. ويستثنى منها الإسرار إن ترك وأبدل
بالجهر فلا يجبر بسجود قبلي بل بسجود بعدي لأن الجهر يعد زيادة لا نقصانا، وكذلك
إذا ترك الجهر وأبدل بأعلى السر فلا حاجة لجبره بسجود سهو لا قبلي
ولا بعدي، أما إذا ترك أصلا واكتفي بحركة اللسان فقط الذي هو أدنى السر كان ذلك نقصا
واحتيج لجبره بسجود سهو قبلي، أما إذا كانت السنة المتروكة غير مؤكدة فلا حاجة
لجبره بسجود سهو، كترك تكبيرة واحدة للهوي للركوع أو السجود، أو كترك مندوب
كالقنوت في الصبح، فإذا جبرها بسجود قبلي بطلت صلاته لكونه زاد فيها ما ليس منها،
أما إن سجد بعد السلام فإنها لا تبطل الصلاة لكونه زاد زيادة خارجة عن الصلاة.
2. أن تكون السنة المؤكدة المتروكة داخلة في الصلاة، فإذا
سجد سجودا قبليا لغير داخلة في الصلاة كترك الإقامة أو السترة، تبطل الصلاة.
3. أن يكون الترك سهوا، فإن كان الترك عمدا فهناك خلاف بين
الفقهاء في بطلان الصلاة وعدمه.
· نقص سنتين غير مؤكدتين داخلتين
في الصلاة يقينا أو شكا سهوا، أما إن كان الترك عمدا ففي صحة صلاته وبطلانها خلاف.
· أما إذا كان النقص أكثر من سنتين، فإن كان عمدا فالصلاة
باطلة، وإن كان سهوا فسجود السهو واجب لجربها.
· اجتماع نقص سنة ولو غير مؤكدة مع زيادة في الصلاة يقينا
أو شكا سهوا، يسجد لهما سجودا قبليا ترجيحا لجانب النقص على الزيادة، كمن ترك
تكبيرة وقام لركعة خامسة في صلاة رباعية.
o
أسباب سجود
السهو البعدي:
· الزيادة القليلة يقينا أو شكا سهوا، سواء كانت الزيادة
من جنس الصلاة أم من غير جنس الصلاة، ما لم تكثر هذه الزيادة أو تتعمد فعندها تبطل
الصلاة.
·
الزيادة
التي ليست من جنس الصلاة:
1. الأفعال والأقوال الجائزة أو المندوبة في الصلاة: إذا فعلها
لا تحتاج إلى جبرها لسجود سهو، كالالتفات في الصلاة، وحك الجسد، وإصلاح السترة أو
الرداء، والمشي نحو صفين لسد الفرجة، أو حمد عاطس أو مبشر بما يسره، أو إدارة
الإمام المؤتم من يساره إلى يمينه، روي عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه أنه شمت
العاطس في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" ولم يأمره بالسجود.
2. الأفعال القليلة التي عمدها يبطل الصلاة: إذا فعلت سهوا
جبر سهوها بسجود السهو، كالأكل، أو الكلام اليسير، سهوا، وابتلاع شيء من الخارج من
القيء والقلس سهوا إن قل الخارج منها وكان طاهرا ولم يتغير، وإذا لم يبتلع شيئا
فلا يحتاج لجبره بسجود السهو لكونه فعلا يسيرا جدا، أما إن كثر الخارج منهما أو
كان نجسا متغيرا أو ابتلع شيئا منه عمدا، بطلت الصلاة.
·
الزيادة
التي من جنس الصلاة:
1. الزيادة في الأقوال المسنونة: ليست بحاجة
لجبرها بسجود السهو، سواء زيدت عمدا أو سهوا، إلا أنه يكره تعمدها، كقراءة سورة في
أخيرتي الفرض، أو الخروج من سورة إلى أخرى في أوليتي الفرض، أو الإتيان بيسير
الجهر في صلاة سرية، أو بأعلى السر في صلاة جهرية، أو إعادة سورة من أجل الإتيان
بسنيتها بعد أن كان قرأها على غير سنيتها؛ كأن قرأها سرا وكانت سنيتها جهرا أو
بالعكس.
2. الزيادة في الفرائض القولية: تجبر بسجود
السهو، سواء زيدت عمدا أو سهوا، كمن أعاد قراءة الفاتحة للإتيان بها على سنيتها من
جهر أو إسرار، أو كررها سهوا، أو ترك الإسرار فيها.
3. الزيادة في الأفعال: تجبر بسجود
السهو، كزيادة ركن فعلي، أو زيادة ركعة أو ركعتين، سهوا يقينا أو شكا، أما إن كانت
الزيادة عمدا بطلت الصلاة.
تعليقات
إرسال تعليق