مدخل الحكمة: وقاية المجتمع من تفشي الفواحش
المحور
الأول: مفهوم الفواحش وحكمها.
1.
مفهوم الفواحش.
الفواحش: لغة: جمع فاحشة، وهو كل فعل تكرهه الأنفس
ويقبح ذكره في الألسن، وشرعا: هو ما اشتد قبحه وتناهى من المعاصي، والفواحش نوعان:
فواحش ظاهرة كالزنا واللواط والسِّحاق ونحوها، وفواحش باطنة كالكبر والحسد والغرور
وسوء الظن ونحوها.
2. حكم الفاحشة.
حرم الله تعالى جميع الفواحش الظاهرة منها
والباطنة، وقد وردت الفاحشة في
القرآن الكريم كناية عن الزنى في الغالب، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا
الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾، وقال تعالى: ﴿ لَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ ﴾ وقوله سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾
المحور
الثاني: منهج الإسلام في تحريم الفاحشة، وأساليب الوقاية منها.
1. منهج الإسلام في تحريم الفاحشة.
لقد حرم الله تعالى
جميع الفواحش الظاهرة منها والباطنة، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾، بل وحرم أيضا حتى الاقتراب منها،
قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾،
فمنهج الإسلام أنه إذا حرم شيئا حرم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه، فلما
حرم فاحشة الزنا حرم الخلوة والتبرج، وأوجب بالمقابل غض البصر، والعفة والحياء،
ولما حرم عمل قوم لوط حرم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وأوجب ستر العورة،
والتفريق بين الأطفال في المضاجع، كما توعد من يقوم بإشاعة الفاحشة والمجاهرة بها،
قال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ
آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، بل واعتبر هذا التحريم غيرة على عباد الله، قال صلى الله عليه وسلم : )إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغَارُ،
وَغَيْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى أنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ مَا حَرَّمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ(.
2. أساليب ومنهج وقاية المجتمع من
الفواحش.
وقاية
المجتمع من الفواحش مسؤولية الجميع، ويتم ذلك عن طريق الآتي:
· التربية الإيمانية
العملية التي تثمر تقوى الله والغيرة على المحارم واستقباح الفواحش.
· التخلق الجماعي بقيمة
التستر وعدم المجاهرة بالمعاصي وإشاعة الفواحش.
· العفة ومجاهدة النفس،
وتقوية الإرادة والتسامي عن الشهوات وتحصين الفروج بالزواج وتيسيره.
· البعد عن المثيرات
الجنسية الداخلية والخارجية.
· إشغال أوقات الفراغ
بالتوجيه والإرشاد وصرف الطاقة في الأعمال المفيدة.
· اختيار الرفقة الصالحة
وهجر مجالس الغفلة والرذيلة.
· الامتناع عن كل أنواع
اشاعة الفواحش كنشر الصور والاخبار والفيديوهات التي تحرك الشهوات وتثيرها، قال
تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا
والآخرة.
المحور الثالث: ضرورة التحلي
بالأخلاق وبثها في المجتمع للقضاء على مخاطر الفواحش.
1.
مخاطر انتشار الفواحش.
مخاطر انتشار الفواحش على
المجتمع كثيرة، منها:
- مخاطر صحية: انتشار الإمراض الفتاكة والمعدية، كالسيدا.
- مخاطر أمنية: فقدان الأمن على النساء والأعراض والأموال وانشار الجريمة
والاغتصاب.
- مخاطر اجتماعية: انتشار الفساد والرذيلة والإباحية، واختلاط
الأنساب، وهتك الأعراض، وتفكك الأسر، وتهديد أمن الطفولة بجرائم الإجهاض.
- تغير الفطرة الإنسانية: انتشار المثلية
الجنسية، التخنث، استرجال النساء...
- مخاطر أخلاقية: إذلال المرأة
وامتهانها، وهدر كرامتها وإنسانيتها، والتشبه بالثقافة الغربية،
واضمحلال القيم والمبادئ الإسلامية، فقدان الهوية وعدم الاعتزاز بالدين
والرضا بالانكسار...
2. التحلي بالأخلاق وبثها
في المجتمع للقضاء على مخاطر الفواحش.
يعتبر التحلي بفضائل الأخلاق السبيل الوحيد لوقاية المجتمع من
الفواحش، وخير مثال على ذلك أخلاق سيدنا يوسف عليه السلام، فعفته وخوفه من ربه
كانت الحصن المنيع من الوقوع في إغراءات امرأة العزيز، كما أن التحلي بالفضائل
ونشرها وقاية للمجتمع من الخراب والدمار وانتشار الأمراض، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: )لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ
فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ
وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا(، لذا وجب على جميع شرائح المجتمع
كل من موقعه نشر القيم النبيلة والأخلاق الحميدة، وتربية الناشئة على قيم العفة
والحياء والطهر والنقاء.
تعليقات
إرسال تعليق