أحكام قصر الصلاة للمسافر عند المالكية
تعريف
قصر الصلاة.
قصر الصلاة هو أن تقصر الصلاة الرباعية، وهي
الظهر والعصر والعشاء، في السفر إلى ركعتين.
دليل
مشروعية القصر في السفر.
ثبتت مشروعية القصر بالكتاب والسنة
والإجماع.
·
من الكتاب قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض
فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا}.
·
ومن السنة ما روى يعلى بن أمية قال: قلت
لعمر بن الخطاب: "ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم
الذين كفروا" فقد أمن الناس. فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته).
·
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إني صحبت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله. ثم صحبت
عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله. وقد قال الله: لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة).
·
وقد أجمعت الأمة على مشروعية
القصر.
حكم
القصر.
يعتري القصر للمسافر ثلاثة أحكام، هي:
الحكم
الأول: سنة مؤكدة آكد من صلاة الجماعة،
أي لو لم يجد المسافر مسافرا مثله يصلي معه جماعة صلى منفردا على القصر، ولا يقتدي
بإمام مقيم لكي لا يتم، وإذا ترك القصر حرم من ثواب هذه السنة. وهذا بالنسبة:
o للمسافر سفرا جائزا (واجبا، مندوبا،
مباحا) طويلا (مرحلتين فأكثر) تاركا أهله.
o للحاج
في مزدلفة وعرفة ولو لم يكن السفر طويلا بشرط أن لا يكون من أهلهما في وطنهما (أي
لا يقصر الحاج في مزدلفة إن كان من أهلها، ولا الحاج في عرفة إن كان من أهلها) .
الحكم الثاني: مكروه في السفر المكروه
كالمسافر للهو.
الحكم
الثالث: يحرم في السفر المحرم كمن سافر
لقطع طريق أو سرقة مال. وأما من عصى في أثناء سفره كشرب خمر أو زنا فيتم صلاته
وجوبا وإن قصرها فليس عليه إعادة.
شروط
صحة القصر.
1. أن
يكون السفر طويلا ويقدر تقريبا بـ (81) كيلومترا. والعبرة للمسافة لا للمدة التي
تقطع فيها هذه المسافة. ويستثنى من شرط المسافة أهل مكة ومنى ومزدلفة والمحصب إذا
خرجوا في موسم الحج للوقوف بعرفة، فيسن لهم القصر في الذهاب والإياب إذا بقي عليهم
عمل من أعمال الحج التي تؤدى في غير وطنهم؛ وإلا أتموا.
2. أن
يكون السفر مباحا شرعا غير محرم كمن سافر لقطع الطريق.
3. أن يكون المسافر ناويا في بدء
سفره قطع مسافة القصر دفعة واحدة، أما إن كان ناويا الإقامة بمكان في طريقه، على
دون مسافة القصر، إقامة توجب الإتمام كأربعة أيام صحاح ثم يسافر بقية المسافة،
فإنه يتم، ولا تعتبر نية التابع بدون نية متبوعة كالزوجة مع زوجها والجندي مع
قائده، فلو نوت الزوجة مسافة القصر دون زوجها لا يصح لها أن تقتصر.
4. أن
يعزم قبل بدء السفر على قطع مسافة القصر أو أكثر، لذا رضي الله عنه يقتصر الهائم
على وجهه لأنه لا يدري أين يتوجه، ولا السائح الذي لا ينوي الإقامة في مكان.
5. أن
تكون الصلاة رباعية وسافر في وقتها الضروري، فيقصر الظهرين من غادر بساتين البلد قبل
الغروب بثلاث ركعات فأكثر ولو أخرهما عمدا، أما إن كان خرج وقتها الضروري فلا يقصر
ولو قضاها في السفر، وفائتة السفر تصلى قصرا ولو قضاها في الحضر.
6. أن يشرع في السفر، والشروع فيه
يكون إن كان في البلد بمجاوزة بنيانها والفضاء الذي حولها والبساتين المسكونة ولو في
بعض العام بشرط أن تكون متصلة بالبلد حقيقة أو حكما بأن كان ساكنوها ينتفعون من
أهل البلد، أما إذا كانت البساتين غير مسكونة فلا يشترط تجاوزها ولو كان فيها حراس
بل يقصر بمجرد تجاوز البيوت، والشروع بالسفر للبدوي يكون بمغادرة حلته (بيوت
الشعر) ولو تفرقت، والشروع بالسفر للساكن في محل خال عن البيوت والخيام يكون بمجرد
انفصاله عن مكانه كساكن الجبل أو قرية صغيرة لا بساتين لها.
7. أن لا يقتدي مسافر بمقيم أو
بمسافر يتم الصلاة، لأنه إن فعل ذلك وجب عليه الإتمام، سواء اقتدى به في الوقت أو
بعد خروج الوقت، ولو كان المقتدي ناويا القصر بشرط أن يدرك مع الإمام المقيم ركعة
كاملة (فإذا لم يدركها فلا يجب عليه الإتمام بل يقصر) ، ويعيد الصلاة في الوقت
قصرا على المعتمد.
حالة
من شك في الإمام هل هو مسافر أم لا.
إن ظن شخص أن الإمام مسافر فاقتدى به فظهر
خلافه، أعاد المأموم صلاته أبدا لبطلانها، إن كان المأموم مسافرا في المسألتين.
ففي الأولى نوى المأموم القصر وإمامه نوى الإتمام، فإن سلم المأموم من اثنتين خالف
إمامه نية وفعلا، وإن أتم معه فقد خالف فعله نيته.
وفي المسألة الثانية نوى المأموم الإتمام
لظنه أن إمامه مقيم والإمام نوى القصر لأنه مسافر، فإن قصر المأموم مع إمامه فقد
خالف فعله نيته، وإن أتم بمقتضى نيته فقد خالف إمامه نية وفعلا.
أما
لو اقتدى المقيم بالمسافر فصح، لأن المقيم دخل في الصلاة على مخالفة إمامه من أول
الأمر، أما الحالة السابقة فدخل المأموم على موافقة إمامه فأخطأ ظنه فلم يغتفر.
8. أن ينوي القصر عند الصلاة، وتكفي
نية القصر في أول صلاة صلاها في السفر ولا يلزم تجديدها فيما بعد من الصلوات، وإذا
لم ينو المسافر نية القصر أو الإتمام، كأن ينوي الظهر مثلا من غير ملاحظة واحد
منهما ففي صحتها وعدمها قولان، فإذا قلنا بصحتها ففي لزوم الإتمام أو التخيير بين
الإتمام والقصر أيضا قولان.
ما
يمنع القصر في السفر:
1. دخول
وطنه المار عليه، بأن كان مسافرا من مكان غير وطنه فلما مر عليه دخله، فعليه أن
يتم صلاته ولو لم ينو إقامة أربعة أيام.
2. دخول
مكان إقامة زوجته المدخول بها لا مكان إقامة أقاربه (أم، أب، أخ) .
3. نية
دخوله وطنه، أو مكان إقامة زوجته، الذي يمر عليه في طريقه إذا كان يبعد عن بدء
السفر أقل من مسافة القصر، ولو لم ينو الإقامة أربعة أيام به. ثم إذا شرع في بقية
سفره اعتبر ما بقي في سفره فإن كان الباقي مسافة قصر قصر وإلا فلا يقصر. أما إذا
كان وطنه أو بلد زوجته الناوي دخوله أثناء سفره يبعد عن بدء السفر مسافة قصر فإنه
يستمر بالقصر حتى دخوله.
4. دخوله
بلده الراجع إليها سواء كانت وطنه أم لا، وإن لم ينو إقامة أربعة أيام. وفي رجوعه
إن كانت المسافة مسافة قصر قصر وإلا فلا يقصر.
نية
إقامة أربعة أيام بشرطين:
الأول: أن تكون تامة ولا يحتسب منها يوم الدخول إن
دخل بعد طلوع الفجر، ولا يوم الخروج إن خرج في أثنائه.
الثاني: وجوب عشرين صلاة على الشخص في هذه الإقامة،
فمن دخل مثلا قبل فجر السبت ونوى أن يقيم إلى غروب يوم الثلاثاء ويخرج قبل العشاء
لم ينقطع حكم سفره، لأنه وإن كانت الأيام الأربع كاملة إلا أنه لم يجب عليه عشرون
صلاة. ومن دخل قبل عصر يوم ولم يكن صلى الظهر ونوى الارتحال بعد صبح اليوم الخامس
لم ينقطع حكم سفره، لأنه وإن وجب عليه عشرون صلاة إلا أنه ليس معه إلا ثلاثة أيام
كاملة.
ما
يندب للمسافر.
1. تعجيل
الرجوع إلى وطنه بعد قضاء حاجته والمكث بعدها خلاف الأولى.
2. استصحاب
هدية بقدر حاله لعياله وجيرانه.
3. الدخول نهارا، ويكره الطروق ليلا
لغير معلوم القدوم، أما من أعلم أهله بقدومه في وقت معين فلا كراهة إن كان قدم
ليلا.
ما
ينتهي به القصر.
وينتهي القصر في العودة من السفرإما بمجرد وصوله إلى مكان بدء سفره في ذهابه، أو بوصوله إلى البساتين المسكون أو البيوت (فيما لا بساتين له) التابعة لبلد المقصد إن كان ناويا الإقامة فيها، أو إذا رجع من دون مسافة القصر تاركا للسفر أو لشيء نسيه.
تعليقات
إرسال تعليق