أحكام الجمع في المذهب المالكي
تعريف الجمع في الصلاة.
الجمع هو أن يجمع المصلي تقديما
بين الظهر والعصر في وقت الظهر، والمغرب والعشاء في وقت المغرب. وتأخيرا بين الظهر
والعصر في وقت العصر، والمغرب والعشاء في وقت العشاء، أما الصبح فلا يصح فيه الجمع
على أي حال.
حكم الجمع.
الجمع جائز عند وجود مشقة دفعا
للحرج.
أسباب الجمع.
أسباب الجمع خمسة، هي:
أولا: الجمع في السفر: يجوز الجمع في السفر بين
الظهرين والعشاءين جمع تقديم أو تأخير. ودليله ما روى أنس رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه كان (إذا عجل عليه السفر، يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر.
فيجمع بينهما. ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، حين يغيب الشفق)، شروط
السفر الجائز فيه الجمع:
1. أن
يكون السفر مباحا لا محرما ولا مكروها.
2. أن
يكون السفر برا لا بحرا، لأن رخص الجمع ثبتت في سفر البر لا في غيره بدليل قوله
تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض} .
شروط جمع التقديم بين الظهرين:
1. أن
تزول الشمس عليه حال نزوله في المكان الذي ينزل فيه المسافر للاستراحة.
2. أن
ينوي الارتحال عنه قبل دخول وقت العصر، فإذا جمع ولأمر ما لم يرتحل حتى دخل وقت
العصر، فالقول المعتمد لا يعيدها في وقتها.
3. أن
يكون ناويا أن لا ينزل مرة ثانية إلا بعد الغروب، أما إن كان ناويا النزول مرة
أخرى قبل اصفرار الشمس وجب عليه أن يصلي الظهر فقط ولا يجمع (ولكن إن جمع العصر
معه أجزأه مع الإثم وندب له إعادته بعد نزوله) ، أما إن نوى النزول بعد الاصفرار
وقبل الغروب فهو مخير بين الجمع وعدمه، لأنه إن قدم العصر صلاها في وقتها الضروري
المقدم لأجل السفر وإن أخرها صلاها في وقتها الضروري المشروع وهذا هو الأولى.
4. أن
ينوي الجمع عند صلاة الظهر على الراجح.
كيفية جمع التقديم:
يؤذن لصلاة الظهر على المنارة
كالعادة في أول وقتها ثم يصليها، ثم يؤذن لصلاة العصر بصوت منخفض في المسجد ثم
يصليها قبل أن يرتحل، ويكره الفصل بين الصلاتين بكلام أو بصلاة نفل.
شروط جمع التأخير بين الظهرين في السفر:
1. أن
تزول الشمس عليه وهو سائر.
2. أن
يكون ناويا النزول في وقت الاصفرار أو قبله، أما إن نوى النزول بعد المغرب أو كان
لا يعلم هل ينزل قبل الغروب أو بعده فيصلي كل واحدة في وقتها الاختياري ويجمعهما
جمعا صوريا بحيث يصلي الظهر في آخر وقتها ثم يدخل وقت العصر فيصليه في أول وقته.
3. أن
ينوي تأخير صلاة الظهر عن وقتها ليجمعها مع العصر.
ثانيا- الجمع في المرض: يجوز الجمع بين الظهرين
والعشاءين لمن كان مريضا يشق عليه القيام لكل صلاة أو وضوء، وكذلك للمبطون، ويكون
الجمع صوريا بأن يصلي الظهر في آخر وقته الاختياري، والعصر في أول وقته الاختياري،
ويصلي المغرب قبيل مغيب الشفق الأحمر، والعشاء في أول مغيبه. وهو جائز من غير
كراهة في حقه لقيام عذره، ولصاحبه فضيلة أول الوقت. أما إذا جمع غير المعذور هذا
الجمع الصوري فيجوز له مع الكراهة لأن فضيلة أول الوقت تفوته دون عذر. وأما صحيح
الجسم، إن خاف أن ينتابه دوار يمنعه من أداء الصلاة على وجهها، أو إغماء يمنعه من
الصلاة عند دخول وقت الثانية، فإنه يجوز له أن يقدم الثانية مع الأولى، فإن قدمها
ولم يقع ما خاف منه أعادها في الوقت استحبابا. ودليل ذلك ما روى ابن عباس رضي الله
عنهما قال: (جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء،
بالمدينة، في غير خوف ولا مطر)
ثالثا: الجمع في المطر والطين مع الظلمة: يجوز جمع تقديم للعشاءين فقط
(لا الظهرين لعدم المشقة) إذا نزل مطر غزير أو برد (أما الثلج فلا يوجد فيه نص،
وسئل عنه ابن سراج فقال: لا أعرف له نصا، والذي يظهر أنه إذا كثر بحيث يتعذر رفعه
جاز الجمع وإلا فلا) أو متوقع نزول مطر (إذا جمع في حالة التوقع ولم ينزل المطر
فينبغي إعادة الثانية في وقتها) أو حصول طين مع ظلمة للشهر لا للغيم. ويجوز الجمع
في كل مسجد ولو مسجد غير جمعة (خلافا لمن خصه بمسجد المدينة أو مكة) محافظة على
صلاة العشاء في جماعة من غير مشقة.
شروط صحة الجمع في المطر أو الطين مع الظلمة:
1. أن
يكون الجمع في المسجد فلا يجوز في المنازل.
2. أن
تصلى جماعة، فلا يجوز الجمع لمنفرد ولو كان يصلي في المسجد؛ إلا إذا كان إماما
راتبا له منزل ينصرف إليه، فإنه يجمع وحده وينوي الجمع والإمامة، لأنه منزل منزلة
الجماعة.
3. ويجوز
الجمع لمعتكف في المسجد تبعا للجماعة لا استقلالا (إذ لا مشقة عليه في إيقاع
العشاء في وقتها) .
4. نية
الجمع عند الصلاة الأولى. فإذا نزل المطر أثناء صلاة الأولى أو بعدها فلا تجمع
الثانية معها لوجوب نية الجمع عند الأولى وهو الراجح.
كيفية الجمع:
يؤذن للمغرب كالعادة بصوت مرتفع في أول وقتها، وتؤخر قليلا
ندبا بعد الأذان بقدر ثلاث ركعات ثم تصلى، ثم يؤذن للعشاء ندبا في المسجد بصوت
منخفض لا على المنارة لئلا يظن دخول وقت العشاء المعتاد، فيصلونها وينصرفون. ويكره
الفصل بينهما بكلام أو نفل، وإذا تنفل فلا يمتنع الجمع، وكذا يكره التنفل
في المسجد بعد صلاة العشاء لأن القصد من الجمع أن ينصرفوا في الضوء والتنفل يفوت
ذلك. وتؤخر صلاة الوتر حتى يغيب الشفق لأنها لا تصح إلا بعده.
رابعا: الجمع بعرفة: يسن للحاج بعرفة أن يجمع بين
الظهر والعصر مع الإمام جمع تقديم، ولو كان الحاج من أهل عرفة أو من أهل أماكن
النسك كمنى ومزدلفة لكن يشرط أن يكون الجمع مع الإمام، فإن لم يصل مع الإمام صلى
كل صلاة في وقتها.
خامسا: الجمع بمزدلفة: يسن للحاج بعد أن يفيض من عرفة
أن يؤخر صلاة المغرب حتى يصل إلى مزدلفة فيصليها مع العشاء جمع تأخير، ولو كان من
أهل مزدلفة. ويسن قصر العشاء فيها لغير أهلها (لأن القاعدة هي: الجمع سنة لكل حاج
والقصر خاص بغير أهل المكان الذي هو فيه: عرفة، مزدلفة) .
تعليقات
إرسال تعليق