مدخل الحكمة: السبعة الذين يظلهم الله

 مدخل الحكمة: السبعة الذين يظلهم الله



مدخل الحكمة: السبعة الذين يظلهم الله



المحور الأول: شرح الحديث مع بيان أوصاف السبعة الذين يظلهم الله تعالى.

اشتمل حديث الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله على سبعة أخلاق، ويجب على المسلم التحلي بها ليكون أهلا لنيل رحمة الله يوم القيامة:

1.  الإمام العادلوهو كل من تحمل مسؤولية ما ويحكم بالحق والعدل، ويعطي لكل ذي حق حقه، دون ظلم ولا اتباع الهوى، قال تعالى: )اعدلوا هو أقرب للتقوى، وقال أيضا: )يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يظلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد فما نسوا يوم الحساب(.

2.  شاب نشأ في طاعة اللههو الشاب الذي وفقه الله عز وجل لعبادته، فراقب الله في سره وعلانيته، واستقام على طاعته، وخص الشباب لكونه مظنة غلبة الشهوة لما فيه من قوة الباعث على اتباع الهوى، ففي الحديث الشريف: )غتنمْ خمسًا قبل خمسٍ شبابَك قبل هرمكَ وصحتَك قبل سَقمِكَ وغناكَ قبل فقرِك وفراغَك قبل شغلِك وحياتَكَ قبل موتِكَ(.

3.  رجلان تحابا في اللهالمراد بها الحب المسلم لأخيه لوجه الله تعالى، فالمتحابون في الله لا مصلحة تحركهم بل تحركهم محبته سبحانه، وهذا من حلاوة الإيمان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: )ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا في الله(.

4.  رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناهذكر الله في الخلوة بالمناجاة والابتهال، بحيث لا يكون عنده أحد وإنما خص بالذكر لأنه في هذه الحالة أبعد عن الرياء، فقيمة الخشوع والخشية حالة لا يعرفها إلا الصادقون، وهذا سيؤثر على سلوكاتهم وحسن سريرتهم فتكون دافعا لهم في المسارعة إلى الخيرات، قال تعالى: )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(.

5.  رجل تعلق قلبه بالمساجدمعناه محافظة المسلم على صلاة الجماعة في بيوت الله تعالى، فلا يكاد إذا خرج من المسجد أن يرتاح لشئ حتى يعود إليه، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾.

6.  رجل تصدق بصدقة فأخفاها ما أكثر المتصدقين وما أعظم أجورهم، لكن الذي تميز به هذا الرجل ونال أجر استظلاله بظل الله تعالى، إخلاصه في صدقته، فقط بلغ به الإخلاص حتى كاد يخفيها عن نفسه لو استطاع منعا للرياء، كما قال الله تعالى:  )إن تبدوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خَيْرٌ لَّكُمْ ونكفر عنكم من سيئاتكم(.

7.  رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف اللهوهنا تظهر قيمة العفة ودورها في صيانة المجتمع وحفظ الأعراض والأنساب، وهي من أشد الابتلاءات التي تعرض لها سيدنا يوسف عليه السلام الذي تعفف فعصمه الله وتولى أمره. قال تعالى: )معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي(.

المحور الثاني: التحلي بأوصافهم من صلاح المجتمع وسبب في استقراره.

إذا كان التحلي بالأوصاف السابقة سبيل لنيل الأمان من الله عز وجل والتنعم بظله يوم القيامة، فإنها أيضا مفتاح لإصلاح المجتمع واستقراره، إذ جمعت حقوق الله تعالى والنفس والغير، فهي أوصاف ضمنت لنا العدل داخل المجتمع ، وضمنت لنا نشر المحبة واستقرار العلاقات بين الناس وتحقيق التكافل والشعور بالأمان وإنشاء مجتمع فاضل أساس أفراده التعفف وخوف الله والعدل والاستقامة والدعوة للخير والأمر بالمعروف ووقاية المجتمع من الفواح، فعى المؤمن التحلي بهذه الأوصاف الفاضلة ليستحق أن يستظل في ظل الله تعالى، وقد تحلى يوسف عليه السلام بأغلب هذه الصفات فهو الإمام العادل، وهو الشاب الذي نشأ في عبادة الله، وهو الذي دعته امرأ؟ة ذات منصب وجمال إلى الفاحشة؛ فقال لها: معاذ الله وهو الذي ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه حينما قال: رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، وهو الذي أخفى صدقته عن إخوته حينما قال لفتيته اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون، وأخيرا هو الذي أحب في الله تعالى أباه يعقوب وأخوته فابتلي وعوضه الله تعالى خيرا.   

المحور الثالث: التعريف بالأخلاق الحميدة والدعوة إلى التحلي بها من الإيمان.

إن الهدف الأساس من حديث السبعة الذين يظلهم الله أن نتحلى بأعظم الأخلاق الحميدة والأوصاف الجليلة التي تساعد الإنسان في الدنيا والآخرة، فإن التعريف بهذه الأوصاف من صميم الإيمان المبني على الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا نجد النبي صلى الله عليه وسلم جعل حسن الخلق عامة من علامات كمال إيمان المؤمنين، فقال: )أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا(.

تعليقات